إنّ المنع المفروض على القوى المصلحة، وإطلاق العنان للأيد المفسدة نذير شؤم، وناقوس خطر ندقه فوق رؤوس النّاس، فمع مرور الزمن تنكسر الحواجز النّفسية، والتي لولا انكسارها لما أعلن فرعون أُلوهيته وربوبيته!حينئذ ينفلت الإنسان من قيد القيم، وتُصبح الحياة عفناً كاملا!ويُصبح المصلح غريبا‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍. وهو ما يُريده المفسدون في الأرض.
ولمنع الفساد لا بدّ من المدافعة، يقول تعالى:’’ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض‘‘(١)، فلولا أنّه سبحانه وتعالى(يدفع بعض الناس ببعض، وينصر المسلمين على الكفار، ويكف بهم فسادهم لغلبوا وأفسدوا في الأرض)(٢). ولا بدّ في مرحلة متقدمة من القتال، يقول تعالى:’’وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدَّين كلُّه لله‘‘(٣)، أي(حتى لا يكون شرك)(٤)، فالشرك أساس لكل فساد.
المبحث السادس
الإستبداد(٥)
الإستبداد في اللغة من استبد( يقال استبد بالأمر يستبد به استبدادا إذا انفرد به دون غيره، واستبد برأيه انفرد به)(٦)، و(استبد بالأمر انفرد به من غير مشارك له فيه)(٧)، ويترتب على هذا التعريف أنّ المستبد لا يقبل قول غيره، ويميل بطبعه للإنفراد والاستئثار، وينفُر ممّن يُحاول مشاركته بما يعدُّه حقا خاص به.

(١) البقرة: ٢٥١].
(٢) تفسير البيضاوي(١/٥٨٤).
(٣) الأنفال: ٣٩].
(٤) تفسير الطبري(٢/١٩٢)وانظر: تفسير الثعالبي(١/١٥٠).
(٥) الاستبداد: وهو افتعال من الأمر كأن نفسه أمرته فائتمر أى امتثل أى لا يأتى برشد من قبل نفسه ولا يقبل قول غيره) الزمخشري: محمود بن عمر،(٤٦٧-٥٣٨هـ)، الفائق في غريب الحديث، ٤أجزاء، تحقيق: علي محمد البجاوي –محمد أبو الفضل إبراهيم، ط٢، دار المعرفة، لبنان.(٤/١٢٣)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(الفائق).
(٦) لسان العرب، مادة: بدد(٣/٨١).
(٧) المصباح المنير، مادة: بدد(١/٣٨)وانظر: مختار الصحاح، مادة: بدد(١٨).


الصفحة التالية
Icon