الإسلام بمكة)(١).
إنّ الإستبداد الذي تميزت به شخصية فرعون بيّن في قوله تعالى:’’فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم‘‘(٢)، أي فلما جاءهم-موسى عليه السلام- بالبرهان القاطع الدال على أن الله عز وجل أرسله إليهم أعاد القتل على بني إسرائيل عقوبة لهم فيمتنع الإنسان من الإيمان، أي أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلون بهم أولا كي يصدوا عن مظاهرة موسى عليه السلام(٣).
إنّ من معاني الإستبداد أنّ الحق والحقيقة والبرهان…يقابلها القتل، ودلّ على ذلك قولُه تعالى:’’فأراد فرعون أن يستفزهم من الارض‘‘(٤)، أي يستخفهم ويزعجهم و يخليهم منها ويزيلهم عنها وينفيهم من الأرض أرض مصر أو الأرض مطلقا بالقتل والاستئصال أو الإبعاد (٥)، فعدل فرعون عن الجدال بالحجة الى الإرهاب بالقوة.( قال العلماء وفي هذه الآية تنبيه على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنّه لما خرج موسى فطلبه فرعون هلك فرعون وملك موسى، وكذلك أظهر الله نبيه بعد خروجه من مكة حتى رجع اليها ظاهرا عليها)(٦)، وفي هذا بشرى للمطاردين والملاحقين من المسلمين أن الفرج قريب، فما تزيدنا هذه الملاحقة إلاّ تمسكا بعقيدتنا وجدّية في انتمائنا وتنقية لصفوفنا ونفوسنا…فكأنّ نتائج هذه المجاهدة مؤهلات لاستحقاق النّصر الموعود من الله جلّ شأنه.

(١) تفسير النسفي(٢/١٣٩).
(٢) غافر: ٢٥].
(٣) انظر: تفسير القرطبي(١٥/٣٠٥)وتفسير البيضاوي(٥/٨٩)وتفسير ابن كثير(٤/٧٧)وتفسير الطبري(٢٤/٥٦).
(٤) الإسراء: ١٠٣].
(٥) انظر: تفسير البيضاوي(٣/٤٧٠)وتفسير القرطبي(١٠/٣٣٨)وتفسير ابن كثير(٣/٦٨)ومعاني القرآن(٤/٢٠٣)وتذكرة الأريب في تفسير الغريب(١/٣١٠).
(٦) زاد المسير(٥/٩٥)، وانظر: روح المعاني(١٥/٢).


الصفحة التالية
Icon