وللوقاية من الاستبداد لا بدّ من إيجاد مؤسسات تحمي الدولة من التسلط إن حدث، ولمنع الانحراف من الحاكم والمحكوم سواء، ثمّ لا بدّ من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر-كما فعل مؤمن آل فرعون حين أمر ونهى-بعدِّه واجبا على الأمّة وحقا لها، وليس لأحد أن يمنعها من ممارسة هذا الحق، وفي المقابل لا يجوز للأمة أن تُقَصِّرَ بالقيام بهذا الواجب؛ذلك أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وسيلة الأمّة لحماية مؤسساتها وبناءها الحضاري، فإذا حصل ووقع استبداد بنسبة معينة-كما حدث ببعض الفترات في تاريخنا الإسلامي-فإنّما يرجع هذا إلى عدم تطبيق الإسلام بالصورة المثالية الواعية التي طُبق فيها في العصور المزدهرة وخاصة عصر الخلافة الراشدة.
وقد يتصور بعض النّاس أنّ الحل يكمن في نقل النموذج الغربي لإنهاء الاستبداد السياسي في بلاد العرب والمسلمين، وذلك وَهْمٌ لسببين اثنين: الأول: أنّ الحرية الغربية حرية شكلية تُعطَى للنّاس ظاهرا ويملكها على وجه الحقيقة أصحاب رؤوس الأموال، فهم الذين بما يمتلكون من أموال وعبر وسائل الإعلام التي يمتلكونها يُشكلون القانون المُتَفِق مع مصالحهم.. الثاني: أنّ النّموذج الغربي للحرية والديمقراطية أنتج ما نُسمّيه تسلط الدولة، فالإستبداد سلوك قد يقوم به الفرد أو الجماعة أو الدولة؛فالدول الغنية تتسلط على الفقيرة، والقوية تتسلط على الضعيفة. فهي دول استبدادية في سياستها الداخلية والخارجية.
المبحث السابع
الوهم والغرور


الصفحة التالية
Icon