وهذا عكس الحقيقة التي قررها القرآن عن فرعون حيث يقول تعالى:’’وأضل فرعون قومه وما هدى‘‘(١). فبينما يخيّل إليه -وهما وغرورا-أنّ ما يراه هو الصواب والصلاح والرّشاد يقرر القرآن أنّه ضال ومضل، وأنّه سفيه(٢)سخيف الرأي لم يرشدهم إلى نفع أو خير.
ويظهر وهمه وغروره في أسلوب ردّه على معجزات موسى عليه السّلام، حيث يقول:’’فلنأتينّك بسحر مثله‘‘(٣)، أي(لنعارضنّك بمثل ما جئت به من السحر، حتى يتبيّن للنّاس أنّ الذى جئت به سحر يقدر على مثله الساحر)(٤)،( وقد كان السحر في زمانهم غالبا كثيرا ظاهرا، واعتقد من اعتقد منهم وأوهم من أوهم أن ماجاء موسى به عليه السلام من قبيل ما ما يأتونه من سحرهم، فلهذا جمعوا له السحرة يعارضوه بنظير ما أراهم من البينات)(٥)، ولم يكن هذا إلا بأمر الموهوم المغرور الذي وصل به الوهم حدا لم يعد قادرا فيه على إبصار أعظم الحقائق وأجلاها وأبينها، وهي المعجزات التي أُيّد بها موسى عليه السلام.

(١) طه: ٣٩].
(٢) السفه الجهل بلغة كنانة ثم يكون لكل شيء، يقال للكافر سفيه، لقوله’’سيقول السفهاء من الناس‘‘[البقرة: ١٤٢]يعني اليهود. والجاهل سفيه، لقوله’’فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا‘‘[البقرة: ٢٨٢]…السفيه الجاهل والضعيف الأحمق…وقيل السفه في اللغة الخفة)التبيان قي تفسير غريب القرآن(١/٥٨).
(٣) طه: ٥٨].
(٤) فتح القدير(٣/٣٧٠)وتفسير النسفي(٣/٥٨).
(٥) تفسير ابن كثير(٢/٢٣٧)مع بعض التصرف.


الصفحة التالية
Icon