لقوله تعالى :﴿ إن المسلمين والمسلمات...﴾ الآية بكمالها، فكانت هذه الأنواع العشرة التي هي ثوابها أمثالها فيكون لكل نوع منها مثل.
وهذا تأويل فاسد لخروجه عن عموم الظاهر في قوله تعالى :﴿ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾ بما لا يحتمله تخصيص العموم، لأن ما جمع عشر حسنات فليس يجزي عن كل حسنة إلا بمثلها، وبطل أن يكون جزاء الحسنة عشر أمثالها والأخبار دالة عليه.
ولو كان كما ذكر لما كان بين الحسنة والسيئة فرق.(١)
المعنى الإجمالي
هذا هو النداء الأول والأخير من هذه السورة الكريمة، لنصل بذلك إلى ختامها
وهو النداء الخاص بالمؤمنين وحدهم، حيث يشتمل هذا النداء على أمرين اثنين أما الأمر الأول: فهو الأمر بالتقوى، والمتمثل في قوله- تعالى-:﴿يأيها الذين آمنوا اتقوا الله...﴾
فتقوى الله-عز وجل-هي جماع الخيرات وحصون البركات، وما من خير عاجل ولا آجل ولا ظاهر ولا باطن إلا والتقوى موصلة إليه، ووسيلة له، ودليل عليه وما من شر عاجل ولا آجل ولا ظاهر ولا باطن إلا والتقوى حرز منه حصين
وهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله...﴾(٢)
ولذلك كانت التقوى هي دعوة الأنبياء وشعار الأولياء، فكل نبي يقول لقومه :﴿ألا تتقون﴾.(٣)
والتقوى في أصلها: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخاف ويحذر وقاية.
ويفسر لنا الإمام علي - رضي الله عنه- التقوى بقوله :" التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل"
والتقي من عباد الله ذو ضمير مرهف، وخشية مستمرة، وحذر دائم يتوقى أشواك الطريق.
وفي كتاب ربنا- تبارك وتعالى- نعوت لأهل التقوى، وإشادة بذكرهم، ورفعة من شأنهم، وإطناب في وصفهم.

(١) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٦٧.
(٢) من الآية/١٣١، من سورة النساء.
(٣) انظر الآيات: ١٠٦و١٢٤و١٤٢و١٦١و١٧٧/ من سورة الشعراء، والآية١٢٤ من سورة الصافات.


الصفحة التالية
Icon