قال الجوهري وغيره: العرش سرير الملك، وفي التنزيل:﴿ نكروا لها عرشها﴾ ﴿ورفع أبويه على العرش﴾ والعرش: سقف البيت، والجمع : عروش، والعرش أسم لمكة، والعرش الملك والسلطان، يقال ثل عرش فلان، إذا ذهب ملكه وسلطانه وعزه.
قوله تعالى:﴿ يعلم ما يلج في الأرض﴾ أي يدخل فيها من مطر وغيره.
﴿ وما يخرج منها﴾ أي من نبات وغيره. ﴿ وما ينزل من السماء﴾ من رزق و مطر وغيره
﴿وما يعرج فيها ﴾ أي يصعد إليها من الملائكة وأعمال العباد.
﴿ وهو معكم أينما كنتم ﴾ أي بقدرته وسلطانه وعلمه،( وهذا تمثيل للإحاطة بما يصدر منهم أينما داروا في الأرض من بر وبحر)(١).
وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما كانوا، وقيل المعية مجاز مرسل عن العلم بعلاقة السببية، والقرينة السباق واللحاق، مع استحالة الحقيقة، وقد أول السلف هذه الآية بذلك،
أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قال فيها : عالم بكم أينما كنتم.
وفي البحر: أنه اجتمعت الأمة على هذا التأويل فيها، وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات، وهي حجة على منع التأويل في غيرها، مما يجري مجراها في استحالة الحمل على الظاهر، وقد تأول هذه الآية، وتأول الحجر الأسود يمين الله تعالى في الأرض، ولو اتسع عقله لتأول غير ذلك مما هو في معناه انتهى.
وأنت تعلم: أن الأسلم ترك التأويل، فإنه قول على الله- تعالى - من غير علم ولا تؤول إلا ما أوله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه، فإن أولوا أولنا، وإن فوضوا فوضنا، وقد رأيت بعض الزنادقة الخارجين من ربقة الإسلام يضحكون من هذه الآية مع قوله تعالى :﴿ ثم استوى على العرش ﴾ ويسخرون من القرآن الكريم لذلك وهو جهل فظيع وكفر شنيع نسأل الله تعالى العصمة والتوفيق.(٢)
﴿ والله بما تعملون بصير﴾ لا يخفي عليه من أعمالكم شيء.
(٢) روح المعاني ٢٧/ ١٦٨.