وقوله تعالى:﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ﴾ ندب بليغ من الله تعالى إلى الإنفاق في سبيله، مؤكد للأمر السابق به، وللتوبيخ على تركه، فالاستفهام ليس على حقيقته، بل للحث، والقرض الحسن : هوا لإنفاق بالإخلاص، وتحري أكرم المال، وأفضل الجهات،
وذكر بعضهم أن القرض الحسن هو ما يجمع عشر صفات:
١- أن يكون من الحلال، فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
٢- وأن يكون من أكرم ما يملكه المرء.
٣- وأن يكون المرء صحيح شحيح، يأمل العيش ويخشى الفقر.
٤- وأن يضعه في الأحوج الأولى.
٥- وأن يكتم ذلك، وأن لا يتبعه بالمن والأذى.
٦- وأن يقصد به وجه الله تعالى.
٧- وأن يستحقر ما يعطي و إن كثر.
٨- وأن يكون من أحب أمواله إليه.
٩- وأن يتوخى في إيصاله للفقير ما هو أسر لديه من الوجوه كحمله إلى بيته.
١٠- ولا يخفى أنه يمكن الزيادة والنقص فيما ذكر
وأيا ما كان، فالكلام إما على التجوز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية أو التجوز في مجموع الجملة استعارة تمثيلية وهو الأبلغ أي من ذا الذي ينفق ما له في سبيل الله تعالى مخلصا متحريا أكرمه وأفضل الجهات رجاء أن يعوضه سبحانه بدله كمن يقرضه، فيضاعفه له، فيعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا أضعافا كثيرة من فضله.
﴿ وله أجر كريم ﴾أي وذلك الأجر المضموم إليه الإضعاف، كريم مرضي في نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون، ففيه إشارة إلى أن الأجر كما أنه زائد في الكم، بالغ في الكيف، فالجملة حالية، لا عطف على ﴿ فيضاعفه﴾(١).
﴿ أجر كبير ﴾وعد منه- سبحانه وتعالى-، و فيه من المبالغات ما لا يخفى،
حيث جعل الجملة اسمية، وكان الظاهر أن تكون فعلية في جواب الأمر، بأن يقال مثلا : آمنوا بالله ورسوله، وأنفقوا تعطوا أجرا كبيرا،
وأعيد ذكر الإيمان والأنفاق، دون أن يقال فمن يفعل ذلك فله أجر كبير،
وعدل عن فللذين آمنوا منكم وأنفقوا أجر، إلى ما في النظم الكريم

(١) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٧٣-١٧٤


الصفحة التالية
Icon