ثم الظاهر إن المراد بالفدية: ما هو من جنس المال ونحوه، وجوز أن يراد بها ما يعم الإيمان والتوبة.(١)
في القائل قولان:(٢)أحدهما : أنهم المؤمنون، قاله ابن عباس.
والثاني: الملائكة، قاله مقاتل.
وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: ارجعوا إلى المكان الذي قبستم فيه النور فيرجعون فلا يرون شيئا والثاني : ارجعوا فاعملوا عملا يجعله الله لكم نورا
والثالث : أن المعنى لا نور لكم عندنا فضرب بينهم بسور، قال ابن عباس: هو الأعراف وهو سور بين الجنة والنار باطنه فيه الرحمة، وهي الجنة وظاهره يعني من وراء السور من قبله العذاب وهو جهنم، وقد ذهب قوم إلى أن هذا السور يكون ببيت المقدس في مكان السور الشرقي، بين الوادي الذي يسمى وادي جهنم وبين الباب الذي يسمى باب الرحمة، وإلى نحو هذا ذهب عبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو وغيرهما.
قوله تعالى:﴿ ينادونهم﴾ أي ينادي المنافقون المؤمنين من وراء السور﴿ الم نكن معكم ﴾أي على دينكم نصلي بصلاتكم ونغزو معكم فيقول لهم المؤمنون:
﴿بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم﴾ قال الزجاج: استعملتموها في الفتنة، وقال غيره: آثمتموها بالنفاق
وتربصتم فيه قولان.(٣)
أحدهما: تربصتم بالتوبة.
والثاني: تربصتم بمحمد- صلى الله عليه وسلم- الموت وقلتم يوشك أن يموت فنستريح﴿ وارتبتم﴾ شككتم في الحق ﴿وغرتكم الأماني﴾ يعني ما كانوا يتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين
حتى جاء أمر الله وفيه قولان:
أحدهما: أنه الموت
والثاني: إلقاؤهم في النار﴿ وغركم بالله الغرور﴾ أي غركم الشطيان بحكم الله وإمهاله ﴿فاليوم لا يؤخذ منكم فدية﴾ قرأ أبو جعفر، وابن عامر، ويعقوب: لا تؤخذ بالتاء، أي بدل وعوض عن عذابكم
وهذا خطاب للمنافقين ولهذا قال تعالى: ولا من الذين كفروا
قوله تعالى :﴿هي مولاكم﴾ قال أبو عبيدة: أي أولى بكم.

(١) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٧٨
(٢) زاد المسير ج: ٨ ص: ١٦٥-١٦٦.
(٣) المصدر السابق ٨/١٦٧.


الصفحة التالية
Icon