وفسر الخشوع للقرآن بالأنقياد التام لأوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام من غير توان ولا فتور والظاهر أنه اعتبر كون صلة الخشوع وجوز كونها للتعليل على أوجه الذكر
فالمعنى ألم يأن لهم أن ترق قلوبهم لأجل ذكر الله تعالى وكتابه الحق النازل فيسارعون إلى الطاعة على أكمل وجوهها وكأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كما أخرج عنه ابن المنذر إذا تلاها بكى ثم قال بلى يا رب بلى يا رب.
وقرأ غير واحدمن السبعة وما نزل بالتشديد والجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو في رواية يونس وعباس عنه نزل مبنيا للمفعول مشددا وعبد الله أنزل بهمزة النقل مبنيا للفاعل.
﴿ ولا يكونوا كالذين أوتواالكتاب من قبل﴾ (لا) نافية وما بعدها منصوب معطوف على تخشع، وجوز أن تكون ناهية، وما بعدها مجزوم بها، ويكون ذلك انتقالا إلى نهي أولئك المؤمنين عن مماثلة أهل الكتاب بعد أن عوتبوا بما سمعت، وعلى النفي هوفي المعنى نهي أيضا،
وفي قراءة: ( ولا تكونوا) بالتاء الفوقية، على سبيل الالتفات، للاعتناء بالتحذير وفي( لا) ما تقدم، والنهي مع الخطاب أظهر منه مع الغيبة.(١)
ويجوز أن يكون نهيا لهم عن مماثلة أهل الكتاب في قسوة القلوب، بعد أن وبخوا ذلك بنى اسرائيل، كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم، واذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا لله ورقت قلوبهم، فلما طال عليهم الزمان غلبهم الجفاء والقسوة.(٢)
﴿فطال عليهم الأمد﴾ أي الأجل بطول أعمارهم وآمالهم، أو طال أمد ما بينهم وبين أنبيائهم - عليهم السلام- وبعد العهد بهم، وقيل أمد انتظار القيامة والجزاء، وقيل أمد انتظار الفتح،
وفرقوا بين الأمد والزمان، بأن الأمد يقال باعتبار الغاية، والزمان عام في المبدأ والغاية.
وقرأ ابن كثير في رواية ﴿الأمد﴾ بتشديد الدال، أي الوقت الأطول.
﴿ فقست قلوبهم﴾ صلبت فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
(٢) تفسير النسفي ج: ٤ ص: ٢١٧