- سوء عاقبة الكافرين المكذبين، فهم أصحاب الجحيم، بحيث لا يفارقونها أبدا.
مثل الحياة الدنيا
قال الله تعالى:
﴿إعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَلأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً
وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ منَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾.(١)
المناسبة
لما ذكر حال الفريقين فى الآخرة، حقر أمور الدنيا، بأنها مما لا يتوصل به إلى الفوز الآجل، بين أنها أمور خيالية قليلة النفع سريعة الزوال، لأنها لعب يتعب الناس فيه أنفسهم جدا أتعاب الصبيان فى الملاعب من غير فائدة، ولهو يلهون به أنفسهم، وزينة كالملابس الحسنة، والمراكب البهية، والمنازل الرفيعة، وتفاخر بالأنساب، وتكاثر بالعدد، ثم قرر ذلك بقوله:﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً﴾ وهو تمثيل لها فى سرعة تقضيها وقلة جدواها بحال نبات أنبته الغيث، فاستوى وأعجب به الحراث أو الكافرون بالله لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا، ولأن المؤمن إذا رأى أمرا معجبا انتقل فكره إلى قدرة صانعه فأعجب بها، والكافر لا يتخطى فكره عما أحس به فيستغرق فيه إعجابا، ثم هاج أى يبس بعاهة فاصفر ثم صار حطاما، ثم عظم أمور الآخرة بقوله:﴿ وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾تنفيرا عن الانهماك في الدنيا، وحثا على ما يوجب كرامة العقبى، ثم أكد ذلك بقوله:﴿ وَمَغْفِرَةٌ منَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ﴾.(٢)
ويقول الإمام القرطبي فى وجه ارتباط الآية بما قبلها:(٣)
(٢) الجمل على الجلالين٤/٢٩٢.
(٣) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٥٤