" وجه الاتصال، أن الإنسان قد يترك الجهاد خوفا على نفسه من القتل، وخوفا من لزوم الموت، فبين أن الحياة الدنيا منقضية، فلا ينبغي أن يترك أمر الله، محافظة على ما لا يبقى"
تحليل المفردات والتراكيب
قوله تعالى:﴿إعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَلأَوْلاَدِ﴾
﴿ما﴾ صلة تقديره : اعلموا أن الحياة الدنيا لعب باطل، ولهو فرح، ثم ينقضي.
واللعب: هو الباطل، واللهو: كل شيء يتلهى به ثم يذهب.
قال قتادة: لعب ولهو، أكل وشرب، وقال مجاهد: كل لعب لهو.
وقيل اللعب: ما رغب في الدنيا، واللهو: ما ألهى عن الآخرة وشغل عنها، وقيل اللعب: الاقتناء واللهو: النساء
والزينة: التزين بمتاع الدنيا من دون عمل للآخرة.
﴿وتفاخر بينكم﴾ قرأ الجمهور بتنوين تفاخر، والظرف صفة له، أو معمول له، وقرأ السلمي بالإضافة، أي يفتخر به بعضكم على بعض، وقيل يتفاخرون بالخلقة والقوة وقيل بالأنساب والأحساب كما كانت عليه العرب.
﴿ وتكاثر في الأموال والأولاد﴾ أي يتكاثرون بأموالهم وأولادهم ويتطاولون بذلك على الفقراء.(١)
والكاف في:﴿ كمثل غيث﴾ في محل رفع على أنه خبر بعد خبر، أي الحياة الدنيا
كمثل مطر أعجب الزراع نباته.(٢)
والكفار هنا، الزراع لأنهم يغطون البذر، فهو من كفر الحب أي ستره، والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن وإذا أعجب الزراع فهو غاية ما يستحسن.
وقيل الكفار هنا: الكافرون بالله- عز وجل لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من المؤمنين.
وهذا قول حسن، فإن أصل الإعجاب لهم وفيهم، ومنهم يظهر ذلك، وهو التعظيم للدنيا وما فيها.(٣)
ووجه تخصيصهم بالذكر ظاهر،

(١) فتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٥.
(٢) تفسير انسفي ج: ٤ ص: ٢١٩و تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٥٥.
(٣) تفسير القرطبي : ١٧/٢٥٧.


الصفحة التالية
Icon