إلا في كتاب}المراد بالكتاب هنا يعني: اللوح المحفوظ.
والاستثناء فى هذا القول من أعم الأحوال.
﴿ من قبل أن نبرأها﴾ الضمير في نبرأها عائد على النفوس، أو إلى الأرض، أو إلى المصائب، أوإلى الجميع،
وقال ابن عباس: من قبل أن يخلق المصيبة، وقال سعيد بن جبير : من قبل أن يخلق الأرض والنفس.
والأحسن- كما يقول الحافظ ابن كثير- في تفسيره(١): " عوده على الخليقة والبرية، لدلالة الكلام عليها ".
ومعنى نبرأها أي: نخلقها.
وجملة:﴿ من قبل أن نبرأها﴾ في محل جر صفة لكتاب.
" وكرر – سبحانه- حرف النفي فى قوله:﴿ولا فى أنفسكم﴾للإيماء إلى أن المصائب التى تتعلق بذات الإنسان، يكون أشد تأثرا واهتماما بها، أكثر من غيرها".(٢)
وقوله تعالى:﴿ إن ذلك على الله يسير﴾ أي إن علمه- تعالى - الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها، سهل على الله- عز وجل - لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.(٣)
﴿ إن ذلك﴾ أي إثباتها في كتاب على الله - عز وجل - يسير، لاستغنائه فيه عن المدة.
وقوله تعالى:﴿ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها وتقديرها للكائنات قبل وجودها، لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطئكم لم يكن ليصيبكم، فلا تأسوا على ما فاتكم لأنه لو قدر شيء لكان، ولا تفرحوا بما آتاكم، أي جاءكم
وتفسير﴿ آتاكم ﴾أي أعطاكم، وكلاهما متلازم، أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدكم، وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم، فلا تتخذوا نعم الله أشرا وبطرا تفتخرون بها على الناس.
ولهذا، قال تعالى:﴿ والله لا يحب كل مختال فخور﴾ أي مختال في نفسه متكبر فخور، أي على غيره.
(٢) التفسير الوسيط١٤/٢٨٧.
(٣) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٦٠.