عن رسول الله- ﷺ – قال:﴿ قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة﴾.(١)
وقال ابن عباس : لما خلق الله القلم قال له: أكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ثقة بربهم وتوكلا عليه وقالوا: قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة، فلو حرص الخالق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا، قال الله تعالى :﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها﴾.
و ذلك على الله يسير، أي أن علمه – تعالى- الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها، سهل على الله -عز وجل- لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
ثم علل ذلك، وبين الحكمة فيه فقال : لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} وذلك أنهم إذا علموا أن الرزق قد فرغ منه لم يأسوا على ما فاتهم منه، وعن ابن مسعود أن نبي الله- صلى الله عليه وسلم- قال :﴿ لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ثم قرأ:{ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ﴾
ولهذا، قال تعالى:﴿ والله لا يحب كل مختال فخور﴾ أي مختال في نفسه متكبر فخور، أي على غيره.
ثم بين –سبحانه- هؤلاء الذين لا يحبهم ولا يرضى عنهم فقال:﴿ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل﴾ أي يفعلون المنكر ويحضون الناس عليه، فهم لا يكتفون بكونهم بخلاء، بل إنهم لحرصهم الشديد على بخلهم يحثون غيرهم عليه، وبذلك قد ارتكبوا جريمتين:
الأولى: كونهم بخلاء، وهذه صفة المنافقين.

(١) مسند الإمام أحمد رقم( ٢١٦٩) ورواه الإمام مسلم في صحيحه رقم( ٢٦٥٣) من حديث عبد الله بن وهب، وحيوة بن شريح، ونافع بن زيد، ثلاثتهم عن أبي هانئ به، وزاد ابن وهب : وكان عرشه على الماء، ورواه الترمذي في سننه رقم( ٢١٥٦)، وقال: حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon