والقيام بالقسط أي بالعدل، يشمل التسوية فى أمور التعامل باستعمال الميزان، وفى أمور المعاد باحتذاء الكتاب، وهو لفظ جامع مشتمل على جميع ماينبغى الاتصاف به معاشا ومعادا.(١)
وقوله تعالى:﴿ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد﴾
قال الحسن: أي خلقناه، كقوله تعالى:﴿وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج﴾
وهو تفسير بلازم الشيء، فإن كل مخلوق منزل باعتبار ثبوته فى اللوح وتقديره موجودا حيث ماثبت فيه.
وقال مطرب: هيأناه لكم وأنعمنا به عليكم من نزل الضيف.(٢)
قيل : أنزلنا الحديد، أي أنشأناه وخلقناه، كقوله تعالى: ﴿وأنزلنا لكم من الأنعام ثمانية أزواج﴾ وهذا قول الحسن، فيكون من الأرض غير منزل من السماء وقال أهل المعاني : أي أخرج الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه.(٣)
وقيل : أي وجعلنا الحديد رادعا لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، ولهذا أقام رسول الله - ﷺ بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، توحى إليه السور المكية وكلها جدال مع المشركين، وبيان وإيضاح للتوحيد، وبينات ودلالات، فلما قامت الحجة على من خالف شرع الله الهجرة، وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب، والهام لمن خالف القرآن.(٤)

(١) روح المعاني١٥/٢٨٨.
(٢) روح المعانى١٥/٢٨٩.
(٣) تفسير ابن كثير ج: ٤ ص: ٣١٥.
(٤) فتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon