ونوح- هوالأب الثاني لجميع البشر، وإبراهيم أبو العرب، والروم، وبني إسرائيل.
وقوله:﴿وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب﴾الكتاب : يعني الكتب الأربعة، التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان"(١)
أي جعلنا فيهم النبوة والكتب المنزلة على الأنبياء منهم، وقيل جعل بعضهم أنبياء، وبعضهم يتلون الكتاب ﴿فمنهم مهتد﴾ أي فمن الذرية من اهتدى بهدى نوح وإبراهيم،
وقيل المعنى: فمن المرسل إليهم من قوم الأنبياء مهتد بما جاء به الأنبياء من الهدى.
﴿ وكثير منهم فاسقون﴾أي خارجون عن الطاعة.
"والمراد بالفاسق هنا: قيل الذى ارتكب الكبيرة، سواء كان كافرا أولم يكن لإطلاق هذا الاسم، وهو يشمل الكافر وغيره.
وقيل المراد بالفاسق هنا : الكافر، لأنه جعل الفساق ضد المهتدين"(٢).
وقوله سبحانه:﴿ وقفينا﴾ معناه: جئنا بهم بعد الأولين، وهو مأخوذ من القفا أي جيء بالثاني في قفا الأول، فيجيء الأول بين يدي الثاني.
وقوله سبحانه :﴿وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية﴾
الجعل في هذه الآية بمعنى الخلق.
وقوله:﴿ابتدعوها﴾صفة لرهبانية، وخصها بأنها ابتدعت، لأن الرأفة والرحمة في القلب ولا تكسب للإنسان فيها، وأما الرهبانية فهي أفعال بدن مع شيء في القلب، ففيها موضع للتكسب.
والمراد بالرأفة والرحمة: حب بعضهم في بعض وتوادهم.
والمراد بالرهبانية: رفض النساء واتخاذ الصوامع والديارات والتفرد للعبادات، وهذا هو ابتداعهم ولم يفرض الله ذلك عليهم لكنهم فعلوا ذلك ابتغاء رضوان الله.
﴿ ثم قفينا على آثارهم برسلنا﴾ أي اتبعنا على آثار الذرية، أو على أثار نوح وإبراهيم برسلنا الذين أرسلناهم إلىالأمم، كموسى وإلياس وداود وسليمان وغيرهم.
﴿ وقفينا بعيسى ابن مريم﴾ أي أرسلنا رسولا بعد رسول، حتى انتهى إلى عيسى ابن مريم، وهو من ذرية إبراهيم من جهة أمه.

(١) الجمل على الجلالين٤/٢٩٥، وفتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٨.
(٢) الجمل على الجلالين٤/٢٩٥.


الصفحة التالية
Icon