تعلق قلب رجل بامرأة بدوية وقد ذهبت ذات ليلة إلى حاجة لها فتبعها الرجل فلما خلا بها في البادية والناس نيام راودها عن نفسها، فقالت له انظر أنام الناس جميعاً ففرح الرجل وظن أنها قد أجابته إلى ما ابتغاه فقام وطاف حول مضارب الحى فإذا الناس نيام فرجع مسروراً وأخبرها بخلو المكان إلا من النيام، فقالت ما تقول في الله تبارك وتعالى ؟ أنائم هو في هذه الساعة ؟ قال الرجل إن الله لاينام ولا تأخذه سنة، فقالت المرأة إن الذى لم ينم ولا ينام ويرانا وإن كان الخلق لا يرون فذلك أولى أن نخشاه، فاتعظ الرجل وتركها وتاب خوفاً من الله تعالى : ولما مات رئى في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لى لخوفي منه وتوبتى إليه.
وصدق من قال: وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلا العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
﴿ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾
خلقا وملكا وتصريفا وتدبيرا، فهو سبحانه المتفرد بالألوهية لأنه الخالق الرازق المالك المصرف، وكل ما سواه عبيد له.
قال صاحب المنار [ له ما في السموات وما في الأرض ] فهم ملكه وعبيده، مقهورون لسنته، خاضعون لمشيئته، وهو وحده المصرف لشؤونهم والحافظ لوجودهم (١)
وذكر هنا المظروف دون الظرف اكتفاء بما ذكر في مواضع أخرى من أن السموات والأرض مخلوقة مملوكة له عز وجل (٢)، ورد على الذين عبدوا آلهة من دون الله - عز وجل - كالذين عبدوا الشمس أو القمر أو الحجر أو الشجر أو النار أو الماء أو الجن أو أحدا من المخلوقات المملوكة لله - عز وجل - والتي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

(١) - - تفسير المنار ٣/ ٢٦
(٢) - من ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران ﴿ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {١٨٩﴾ }


الصفحة التالية
Icon