وعن معنى الحياة الطيبة يقول الإمام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين [ وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه، وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله، ومحبته، والإنابة إليه والتوكل عليه، فإنه لاحياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فو ق نعيمه إلا نعيم الجنة، كما كان بعض العارفين يقول : إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره : إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً، وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها، ولهذا جعل الله الحياة الضنك لمن أعرض عن ذكره، وهي عكس الحياة الطيبة ](١)
ومن الأشياء المجربة أن من داوم على ذكر ( يا حي يا قيوم ) أورثه ذلك حياة القلب وصفاءه وحياة العقل وتوقده ٠
﴿ القيوم ﴾
صيغة مبالغة من قام يقوم قياما، فهو قيووم على وزن فيعول اجتمعت الياء والواو في الكلمة وكانت الأولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء ٠
قال أمية بن أبي الصلت :
لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يعوم
قدره المهيمن القيوم والجسر والجنة والجحيم
إلا لأمر شأنه عظيم (٢).
والله تعالى هو ﴿ القيوم ﴾ القائم بذاته، المقيم لغيره ٠
قال ابن عباس ﴿ القيوم ﴾ الذي لايزول ولايحول، وقال مجاهد ﴿ القيوم ﴾ القائم على كل شئ.
وقال قتادة ﴿ القيوم ﴾ القائم بتدبير خلقه، وقال الحسن ﴿ القيوم ﴾ القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به لا يخفي عليه شئ منه (٣) ٠
(٢) - -ديوان أمية بن أبي الصلت الثقفي : ص ٥٧ ويراجع جامع البيان للطبري ٣/ ٣٨٨
(٣) - -يراجع جامع البيان للطبري ٣ /٣٨٨ والنكت والعيون للماوردي ١ /٢٥٩ ومعالم التنزيل للبغوي ١/٢٣٨ - وفتح القدير للشوكانيي ١ / ٢٧١