له تعالى ما فيهن وما بينهن، فهو تعالى الخالق الرازق المالك المدبر المصرف، الملك ملكه والخلق خلقه، والتدبير تدبيره والخلق كلهم عبيده.
﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه ﴾
لا شفاعة إلا بإذنه ورضاه، ولا شفيع إلا من أذن له وارتضاه، فهو سبحانه المالك المتصرف، والشفاعة فضل من الله ورحمة والله - عز وجل - يختص بفضله ورحمته من يشاء.
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم ﴾
فهو سبحانه العليم بأحوال خلقه عامة، وبأحوال الشفعاء والمشفُع لهم خاصة، هو تعالى العليم بما كان وما يكون وما سيكون، العليم بكل مالطف ودق فضلاً عن علمه بكل ماجلُ وظهر. العليم بما حصُلوه وما ضيعوه، العليم بما قدموه وما خلُفوه، العليم بما أظهروه وما كتموه، لا يخرج عن علمه معلوم، ولا يلتبس عليه موجود ولا معدوم.
﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ﴾
فهو تعالى الذي أكرم خلقه بالعلم، ومهما تقدموا وارتقوا في سلٌم العلم، فإن علمهم بالنسبة لعلمه تعالى كقطرة في بحر لُجىٌ، وصدق الله - عز وجل - إذ يقول ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا ً ﴾، الإسراء : ٨٥ - ﴿ قل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ الكهف ١٠٩.
وإذا كان البشر عاجزين وقاصرين عن الإحاطة الشاملة والدراية التامة بأنفسهم فكيف يطمعون وإلى أي مدى يطمحون فى الإحاطة والدراية بما هو قريب منهم وما هو بعيد عنهم من المحسوسات، فضلاً عن الأمور الغيبية !!
﴿ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم ﴾ سورة البقرة ٣٢.
﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾
وكما وسع علمه كل شيئ، فلقد وسع كرسيه السموات والأرض وما فيهن وما بينهن.


الصفحة التالية
Icon