إنَّ الإنسان لا يؤاخذ بمجرد ادعاء السلطة العامَّة عليه بادِّعاء ما، أو إخبار مخبرٍ بأيّ صفةٍ كان، بل لابد من إثبات التهمة، وفق مراحل دقيقة، وهذا ما فعله [ يوسف ] عليه السلام، وهو عين ما يجري الآن.
وهذا ما سنتبينه عند استعراض ما قام سيِّدنا [ يُوسف ]، مقارناً بالإجراءات المتَّبعة في القوانين المعاصرة :
١. إنَّ أول مراحل التحقيق مع [ المظنون ] هو توجيه الاتهام..
﴿…ثم أذّن مؤذِّن أيتُّها العيرُ إنَّكم لسارقون ﴾ (١).
٢. أن يكون الاتهام علنيّاً.. ﴿… ثم أذّن مؤذن أيتها …﴾.
٣. ثم تأتي بقية المراحل التحقيقية الأُخرى، في قوله تعالى :
﴿ قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون ﴾(٢).
فالمتهم له حق الاستيضاح عن التهمة الموجهة إليه، فإذا قيل له : أنت قاتل، فلا بد أن يسألهم : من قتلت ؟ ومتى ؟ … الخ.
فقد يكون :
أ. تمّ ذلك بسبب شرعي يبيح له ذلك.
ب. أو هناك مانع من موانع المسؤولية.
ج. أو سبب من أسباب سقوط العقوبة.
د. أو يكون له قول في دفع التهمة أصلا.
على أن استيضاحهم كان في حالة إقبالهم على من ألقى الاتهام، وفيه [ إشارة ] إلى خوفهم منهم، ومزيد احترامهم لهم، خاصةً بعد تجهيزهم بما طلبوا، وهم مازالوا في أرضهم، والمثل يقول :[ دارهم ما دمت في دارهم] و :
[ ارضهم ما دمت في أرضهم ].
×××××××
٤ ـ ثم تأتي المرحلة الرابعة من مراحل التحقيق، وهي توضيح الاتهام ومزيد التفصيل، يقول تعالى :
﴿ قالوا نفقد صُواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ﴾
وأوضح لهم الذي يطلبونه.. وهو ( صُواع ) الملك، فأصبح المتهمون على بينةٍ من المطلوب..
فهذه مرحلة أخرى من مراحل التحقيق.
٥ ـ تأتي المرحلة الخامسة من مراحل التحقيق، ليقوم المتهم بنفي التهمة أو الإقرار بها.
فأمَّا الإقرار: فهو [ سيد الأدلة ]، و[ رحم الله من أراح واستراح].

(١) يوسف / ٧٠.
(٢) يوسف / ٧١.


الصفحة التالية
Icon