لكن هؤلاء لم يعلموا بما دُبِّر بين الأخوين، ومعلومٌ أنَّه سبق لأولئك الأخوة التدبير السيء، وهذا تدبير حسن :﴿ قالوا تالله لقد علمتم ما جِئْنا لنفسد في الأرض وما لنا سارقين﴾.
فبعد نفي التهمة، لابد لمن وَجَهَ الاتهام أن يُثبته، لأن :
[ البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ]. و :
[ ليس على المنكر إثبات ].
وهذا ما سيقوم به هؤلاء مع أخوة يوسف، لكن لمَّا لم يكن لسيِّدنا يوسف، ولا لرجاله [ بيِّنةٌ شخصية ]، أي : شهادة لإثبات الفعل الجرمي، فقد لجأوا إلى :[ التحرِّي ] و [ التفتيش ].
وهما من أساليب الإثبات والتحقيق إلى يومنا هذا.
يقول تعالى :
﴿ فبدأ بأوعيتهم قبل وِعاء أخيه ثم استخرجها من وِعاء أخيه..﴾
********
ولا يفوتنا هنا أنْ ننوُه أنَّ الأخذ بالقرائن في القضايا الجزائية أمر لا غبار عليه، ويراعيه المحقق والقاضي على حد سواء، فهو وأن لم يكن دليلا قاطعا، لكنه يُوجد قناعةً لديهما، تعتبر كافية عند انعدام الأدلة، أو عدم كفايتها، لكي تكون مستنداً للحكم، والوصول إلى القرار المناسب.
وهذه القرائن أشارت إليها الآيات : من ٢٤ الى ٢٧ من سورة يوسف المتقدم ذكرها، وقد وصل أصحاب الشأن إلى قرار لتبرئة [ يوسف ] بناءً على تلك القرائن.
يقول تعالى :﴿.. وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قُدَّ من قُبُلٍ فصدقت وهو من الكاذبين * ﴾
واعتبروا تمزيق القميص من القُبل قرينة على شروع يوسف في الفعل المحظور، واعتبروا تمزيقه من الدبر قرينة على طلبها هي لإيقاع العل المحظور.
وفي القانون نجد هذه الإجراءات عينِها :
١. ففي قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة العراقي رقم [ ٢٣ ] لسنة [ ١٩٧١ ]، وردت تلك الإجراءات بعينها :
١. [ المادة / ٤٩ ـ
أ. على أي مسؤول في مركز شرطة عند وصول إخبارٍ إليه بارتكاب جناية أو جنحة …].
٢.[ المادة / ٥٨ ـ