قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ البقرة: ٢٢٢.
وسبب نزول هذه الآية يبين موقف الجاهلية من المرأة التي كتب اللّه عليها المحيض، وليس لها فيه أي سبب في منعه أو إخراجه:
عن أنس رضي اللّه عنه أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللّه عز وجل: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ حتى فرغ من الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: مايريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يارسول اللّه إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما" رواه أحمد ومسلم(١).
إن هذا المكتوب على المرأة بقضاء اللّه وقدره لهو فوق طاقتها، فلماذا يوقف منها هذا الموقف وتشعر بأنها نجس قذر؟!
ولقد عالج الإسلام هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح". ولما سأل مسروق عائشة رضي اللّه عنها عن ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت له: "كل شيء إلا فرجها"(٢).
وفي رواية: "كل شيء إلا الجماع"(٣).
(٢) أخرجه ابن جرير في التفسير ٤/٣٧٨ وصحح إسناده أحمد شاكر.
(٣) أخرجه ابن جرير في التفسير ٤/٣٧٧ وصحح إسناده أحمد شاكر.