الْقُرْآنِ وَالسَّنَةِ كَدَافِعِ خَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ ؛ إذْ كَانَ وُرُودُ الْجَمِيعِ وَنَقْلُهُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَارْتَكَبَ هَذَا الرَّجُلُ فِي الْآيِ الْمَنْسُوخَةِ وَالنَّاسِخَةِ وَفِي أَحْكَامِهَا أُمُورًا خَرَجَ بِهَا عَنْ أَقَاوِيلِ الْأُمَّةِ مَعَ تَعَسُّفِ الْمَعَانِي وَاسْتِكْرَاهِهَا وَمَا أَدْرِي مَا الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ.
وَأَكْثَرُ ظَنِّي فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِهِ بِنَقْلِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَاسْتِعْمَالِ رَأْيِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِمَا قَدْ قَالَ السَّلَفُ فِيهِ وَنَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ وَكَانَ مِمَّنْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ ﴾ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فِي وُجُوهِ النَّسْخِ وَمَا يَجُوزُ فِيهِ وَمَا لَا يَجُوزُ بِمَا يُغْنِي وَيَكْفِي، وَأَمَّا :﴿ أَوْ نُنْسِهَا ﴾ قِيلَ إنَّهُ مِنْ النِّسْيَانِ، وَ " نَنْسَأهَا " مِنْ التَّأْخِيرِ، يُقَالُ : نَسَأَت الشَّيْءَ : أَخَّرْته، وَالنَّسِيئَةُ : الدَّيْنُ الْمُتَأَخِّرُ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ يَعْنِي تَأْخِيرَ الشُّهُورِ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ النِّسْيَانُ، فَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يُنْسِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى التِّلَاوَةَ حَتَّى لَا يَقْرَءُوا ذَلِكَ، وَيَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِتَرْكِ تِلَاوَتِهِ فَيُنْسَوْهُ عَلَى الْأَيَّامِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَنْسَوْهُ دَفْعَةً وَيَرْفَعَ مِنْ أَوْهَامِهِمْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَأَمَّا مَعْنَى قِرَاءَةِ " أَوْ نَنْسَأْهَا " فَإِنَّمَا هُوَ بِأَنْ يُؤَخِّرَهَا فَلَا يُنَزِّلُهَا وَيُنَزِّلُ بَدَلًا مِنْهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْمُصْلِحَةِ أَوْ يَكُونُ أَصْلَحَ لِلْعِبَادِ مِنْهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخِّرَ إنْزَالَهَا إلَى وَقْتٍ يَأْتِي فَيَأْتِي بَدَلًا مِنْهَا لَوْ أَنْزَلَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَقُومَ مَقَامَهَا فِي الْمُصْلِحَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :{ نَأْتِ