فَصْلٌ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي أَنَّهَا آيَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِآيَةٍ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ فِي سُورَةِ النَّمْلِ، وَأَنَّهَا هُنَاكَ بَعْضُ آيَةٍ، وَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْآيَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ﴾.
وَمَعَ ذَلِكَ فَكَوْنُهَا لَيْسَتْ آيَةً تَامَّةً فِي سُورَةِ النَّمْلِ لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُون آيَةً فِي غَيْرِهَا لِوُجُودِنَا مِثْلَهَا فِي الْقُرْآنِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فِي أَضْعَافِ الْفَاتِحَةِ هُوَ آيَةٌ تَامَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ هُوَ آيَةٌ تَامَّةٌ فِي الْفَاتِحَةِ، وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ بَعْضَ آيَةٍ فِي فُصُولِ السُّوَرِ وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ آيَةً عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ أَيَّة تَامَّةً مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ سُورَةِ النَّمْلِ ؛ لِأَنَّ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ تَامَّةٌ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ فَعَدَّهَا آيَةً وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنَّ { النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَعُدُّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ آيَةً فَاصِلَةً } رَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَارُونَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَرَوَى أَيْضًا أَسْبَاطٌ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَعُدُّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ آيَةً وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
وَرَوَى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ :


الصفحة التالية
Icon