وَارِثَ لَهُ.
قِيلَ لَهُ : إنَّمَا يَقُومُ الْإِمَامُ بِمَا ثَبَتَ مِنْ الْقَوَدِ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا مُسْتَحِقِّينَ لِمِيرَاثِهِ، وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِقِيمَتِهِ عَلَى قَاتِلِهِ دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَدُونَ الْإِمَامِ، وَأَنَّ الْحُرَّ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ لَوْ قُتِلَ خَطَأً كَانَتْ دِيَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ؟ فَكَذَلِكَ الْقَوَدُ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْمَوْلَى لَمَا اسْتَحَقَّهُ الْإِمَامُ، وَلَكَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ، وَيَسْتَحِيلُ ثُبُوتُ ذَلِكَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَبَطَلَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِيهِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِضِدِّهِ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صَفْوَانَ النَّوْفَلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ﴿ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ ﴾ فَنَفَى هَذَا الْخَبَرُ ظَاهِرَ مَا أَثْبَتَهُ خَبَرُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ، مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ ظَاهِرِ الْآيِ وَمَعَانِيهَا مِنْ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَوَدَ لِلْمَوْلَى، وَمِنْ نَفْيِهِ لِمِلْكِ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ ﴿ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ﴾ وَلَوْ انْفَرَدَ خَبَرُ سَمُرَةَ عَنْ مُعَارَضَةِ الْخَبَرِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ لَمَا جَازَ الْقَطْعُ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ ظَاهِرِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ جَدَعَهُ أَوْ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ هَدَّدَهُ بِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :{ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ