عَمْدًا قَالَ :" تُقْتَلُ، وَتَرُدُّ نِصْفَ الدِّيَةِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ مُرْسَلٌ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ رُوَاتِهِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، وَلَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَتَانِ كَانَ سَبِيلُهُمَا أَنْ تَتَعَارَضَا، وَتَسْقُطَا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ.
وَعَلَى أَنَّ رِوَايَةً الْحَكَمِ فِي إيجَابِ الْقَوَدِ دُونَ الْمَالِ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ وَسَائِرُ الْآي الْمُوجِبَةِ لِلْقَوَدِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الدِّيَةِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَزِيدَ فِي النَّصِّ إلَّا بِنَصٍّ مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي النَّصِّ تُوجِبُ النَّسْخَ.
حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :﴿ أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْأَرْشُ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ فَجَاءَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكْسَرُ سِنُّ الرُّبَيِّعِ ؟ لَا، وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَقَالَ : يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَعَفَا الْقَوْمُ، فَقَالَ : إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ﴾ فَأَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ اللَّهِ الْقِصَاصُ دُونَ الْمَالِ فَلَا جَائِزٌ إثْبَاتُ الْمَالِ مَعَ الْقِصَاصِ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إيجَابُهُ مَعَ إعْطَاءِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ بَدَلًا مِنْ النَّفْسِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ قَتْلُ النَّفْس بِالْمَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَضِيَ أَنْ يُقْتَلَ، وَيُعْطَى مَالًا يَكُونُ لِوَارِثِهِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ النَّفْسَ بِالْمَالِ ؟ فَبَطَل أَنْ يَكُونَ