بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } آيَةً مِنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْقِسْمَةِ ؛ الثَّانِي أَنَّهَا لَوْ صَارَتْ فِي الْقِسْمَةِ لَمَا كَانَتْ نِصْفَيْنِ، بَلْ كَانَ يَكُونُ مَا لِلَّهِ فِيهَا أَكْثَرِ مِمَّا لِلْعَبْدِ لِأَنَّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا شَيْءَ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ فِي أَضْعَافِ السُّورَةِ، قِيلَ لَهُ : هَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إذَا كَانَتْ آيَةً غَيْرَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا، وَلَوْ جَازَ مَا ذَكَرْت لَجَازَ الِاقْتِصَارُ بِالْقُرْآنِ عَلَى مَا فِي السُّورَةِ مِنْهَا دُونَهَا.
وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ بِسْمِ اللَّهِ فِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ اسْمٌ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ، فَالْوَاجِبُ لَا مَحَالَةَ أَنْ يَكُون مَذْكُورًا فِي الْقِسْمَةِ ؛ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِيمَا قَسَمَ مِنْ آيِ السُّورَةِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ قَالَ اللَّهُ : قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُولُ الْعَبْدُ :{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ فَيَقُولُ اللَّهُ : حَمِدَنِي عَبْدِي، فَيَقُولُ :﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ يَقُولُ اللَّهُ : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يَقُولُ اللَّهُ : مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ :﴿ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ يَقُولُ اللَّهُ : فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي


الصفحة التالية
Icon