رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَصُومُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ ؛ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ صِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ؛ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
فَذَكَرَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِلَّةُ أَمْرِهِ بِالْإِفْطَارِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لَهُمْ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فَرْضًا، فَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَهُمْ تَرْكُ الْفَرْضِ لِأَجْلِ الْفَضْلِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، فَإِنَّ أَبَا سَلَمَةَ لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَبِيهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ تَرْكُ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ بِحَدِيثٍ مَقْطُوعٍ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ حَالُ لُزُومِ الْقِتَالِ، مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَجْزِ عَنْهُ مَعَ فِعْلِ الصَّوْمِ، فَكَانَ حُكْمُهُ مَقْصُورًا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ؛ لِمُخَالَفَةِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْجِهَادِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ ﴾ فَإِنَّمَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِحُضُورِ الشَّهْرِ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِيهِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ إذَا صَامَهُ كَمَا لَمْ يَنْفِ جَوَازَ صَوْمِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ.