وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ﴾ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّة ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ بَدَلًا مِنْ الْحُرَّة الْمُشْرِكَة الَّتِي تُعْجِبهُمْ وَيَجِدُونَ الطَّوْل إلَيْهَا ؛ وَوَاجِدُ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّة الْمُشْرِكَة هُوَ وَاجِده إلَى الْحُرَّة الْمُسْلِمَة، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنهمَا فِي الْعَادَةِ فِي الْمُهُور، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ وَلَا يَصِحّ التَّرْغِيبُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَة وَتَرْكِ الْحُرَّة الْمُشْرِكَةِ إلَّا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَزْوِيجِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّةِ.
وَيَدُلُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَامٌّ فِي وَاجِدِ الطَّوْلِ وَغَيْرِ وَاجِدِهِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :﴿ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ﴾ فَأَبَاحَ نِكَاحَهَا لِمَنْ حُظِرَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْمُشْرِكَةِ، فَكَانَ عُمُومًا فِي الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مُوجِبًا لِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ.


الصفحة التالية
Icon