بِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ حَقِّهَا مِنْ الْجِمَاعِ كَانَ مُولِيًا حَتَّى تَصِلَ إلَى حَقِّهَا مِنْ الْفُرْقَةِ ؛ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا إمْسَاكُهَا بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.
وَأَمَّا إذَا قَصَدَ الصَّلَاحَ فِي ذَلِكَ، بِأَنْ تَكُونَ مُرْضِعَةً فَحَلَفَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِالصَّبِيِّ، فَهَذَا لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَ حَقِّهَا وَلَا هُوَ غَيْرُ مُمْسِكٍ لَهَا بِمَعْرُوفٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِيَمِينِهِ حُكْمُ الْفُرْقَةِ.
وَقَوْلُهُ :﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ اعْتَبَرَ الضِّرَارَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُذْنِبًا يَقْتَضِي الْفَيْءَ غُفْرَانُهُ.
وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِهِ مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ قَدْ شَمِلَتْ الْجَمِيعَ، وَقَاصِدُ الضَّرَرِ أَحَدُ مَنْ شَمِلَهُ الْعُمُومُ، فَرَجَعَ هَذَا الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءِ حَالِ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي إيجَابِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ.
وَأَيْضًا سَائِرُ الْأَيْمَانِ الْمَعْقُودَةِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَتَعَلَّقَانِ بِالْيَمِينِ.
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجْعَةِ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْإِيلَاءُ، وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْجَمِيعِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ " إنَّهُ إذَا قَصَدَ ضِرَارَهَا بِيَمِينٍ عَلَى الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ " فَلَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ لَا خِلَافَ أَنَّهُ قَدْ أَضْمَرَ فِيهِ الْيَمِينَ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ، لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى