تَطْلِيقَتَيْنِ بِحَيْضَةٍ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَرَهُ بِإِيقَاعِهَا فِي الطُّهْرِ وَنَهَاهُ عَنْهَا فِي الْحَيْضِ فَقَدْ أَمَرَهُ أَيْضًا بِأَنْ لَا يُوقِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ جَازَ لَهُ إيقَاعُ تَطْلِيقَةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَقَدْ خَالَفَ بِذَلِكَ مَا أَرَدْت تَأْكِيدَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَبَرِ.
قِيلَ لَهُ : قَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأُصُولِ، وَمَنْعَهُ مِنْ إيقَاعِ التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَإِنْ رَاجَعَهَا حَتَّى يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِحَيْضَةٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى غَيْرُ مَعْمُولٍ عَلَيْهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ مَجْمُوعَةً بِمَا لَا مَسَاغَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهِ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زُرَيْقٍ : أَنَّ عَطَاءَ الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِتَطْلِيقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عِنْدَ الْقُرْأَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :﴿ يَا ابْنَ عُمَرَ مَا هَكَذَا أَمَرَك اللَّهُ إنَّك قَدْ أَخْطَأْت السُّنَّةَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ فَرَاجَعْتهَا وَقَالَ : إذَا هِيَ طَهُرَتْ فَطَلِّقْ عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ أَمْسِكْ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ كُنْت طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا أَكَانَ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا ؟ قَالَ : لَا، كَانَتْ تَبِينُ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً ﴾،


الصفحة التالية
Icon