عَنْ النَّفَقَةِ غَيْرَ مُمْسِكٍ بِمَعْرُوفٍ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ وَفُقَرَاءُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ عَجَزُوا عَنْ النَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَضْلًا عَنْ نِسَائِهِمْ غَيْرَ مُمْسِكِينَ بِمَعْرُوفٍ.
وَأَيْضًا فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْإِنْفَاقِ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُ غَيْرُ مُمْسِكٍ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّفْرِيقَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ التَّفْرِيقِ عَلَى الْعَاجِزِ دُونَ الْقَادِرِ وَالْعَاجِزُ مُمْسِكٌ بِمَعْرُوفٍ وَالْقَادِرُ غَيْرُ مُمْسِكٍ ؟ وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَإِبْرَاهِيمَ :" هُوَ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِالْمُرَاجَعَةِ إذَا قَارَبَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتَهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا حَتَّى تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ، فَإِذَا قَارَبَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ رَاجَعَهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ بِإِمْسَاكِهَا بِمَعْرُوفٍ وَنَهَاهُ عَنْ مُضَارَّتِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا ".
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ دَلَّ عَلَى وُقُوعِ الرَّجْعَةِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا مُضَارَّتَهَا، لَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا وَصَارَتْ رَجْعَتُهُ لَغْوًا لَا حُكْمَ لَهَا.