وقَوْله تَعَالَى :﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ إنَّمَا هُوَ اسْتِدْعَاءٌ إلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ بِأَلْطَفِ الْكَلَامِ وَأَبْلَغِهِ ؛ وَسَمَاهُ قَرْضًا تَأْكِيدًا لِاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بِهِ ؛ إذْ لَا يَكُونُ قَرْضًا إلَّا وَالْعِوَضُ مُسْتَحَقٌّ بِهِ.
وَجَهِلَتْ الْيَهُودُ ذَلِكَ أَوْ تَجَاهَلَتْ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقَالُوا : إنَّ اللَّهَ يَسْتَقْرِضُ مِنَّا، فَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ وَهُوَ فَقِيرٌ إلَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ وَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعْنَاهُ وَوَثِقُوا بِثَوَابِ اللَّهِ وَوَعْدِهِ وَبَادَرُوا إلَى الصَّدَقَاتِ ؛ فَرُوِيَ " أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿ جَاءَ أَبُو الدَّحْدَاحُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرَى رَبَّنَا يَسْتَقْرِضُ مِنَّا مِمَّا أَعْطَانَا لِأَنْفُسِنَا ؟ وَإِنَّ لِي أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا بِالْعَالِيَةِ وَالْأُخْرَى بِالسَّافِلَةِ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْت خَيْرَهُمَا صَدَقَةً ﴾.


الصفحة التالية
Icon