وقَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا ﴾ الْآيَةَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَيْسَتْ وِرَاثَةً لِإِنْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ التَّمْلِيكِ عَلَيْهِمْ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النُّبُوَّةِ وَلَا الْمُلْكِ وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعِلْمِ وَالْقُوَّةِ لَا بِالنَّسَبِ.
وَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا حَظَّ لِلنَّسَبِ مَعَ الْعِلْمِ وَفَضَائِلِ النَّفْسِ وَأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ اخْتَارَهُ عَلَيْهِمْ لِعِلْمِهِ وَقُوَّتِهِ وَإِنْ كَانُوا أَشْرَفَ مِنْهُ نَسَبًا.
وَذِكْرُهُ لِلْجِسْمِ هَهُنَا عِبَارَةٌ عَنْ فَضْلِ قُوَّتِهِ ؛ لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ جِسْمًا فَهُوَ أَكْثَرُ قُوَّةً ؛ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ عِظَمَ الْجِسْمِ بِلَا قُوَّةٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْقِتَالِ، بَلْ هُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَا قُوَّةٍ فَاضِلَةٍ.


الصفحة التالية
Icon