بَابُ الِامْتِنَانِ بِالصَّدَقَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ﴾ الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَاَلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ ﴾ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ الصَّدَقَاتِ إذَا لَمْ تَكُنْ خَالِصَةً لِلَّهِ عَارِيَّةً مِنْ مَنٍّ وَأَذًى فَلَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ ؛ لِأَنَّ إبْطَالَهَا هُوَ إحْبَاطُ ثَوَابِهَا فَيَكُونُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ ؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَكُونُ سَبِيلُهُ وُقُوعَهُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَشُوبَهُ رِيَاءٌ وَلَا وَجْهَ غَيْرُ الْقُرْبَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ فَمَا لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْقُرْبِ فَغَيْرِ مُثَابٍ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :( لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الَّتِي شَرَطَهَا أَنْ تُفْعَلَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأَجْرِ عَلَيْهَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ قُرْبَةَ لِدَلَائِلِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَنَظَائِرِهَا ).
وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ قَالَ : هُوَ الْمُتَصَدِّقُ