وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :﴿ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَوْعَيْنِ مِنْ التَّمْرِ : الْجُعْرُورِ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ.
قَالَ : وَكَانَ نَاسٌ يُخْرِجُونَ شَرَّ ثِمَارِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ فَنَزَلَتْ :﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ وَرُوِيَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ :" لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أُهْدِيَ إلَيْهِ مِثْلُ مَا أَعْطَى لَمَا أَخَذَهُ إلَّا عَلَى إغْمَاضٍ وَحَيَاءٍ ".
وَقَالَ :" لَيْسَ فِي أَمْوَالِهِمْ خَبِيثٌ وَلَكِنَّهُ الدِّرْهَمُ الْقِسِيُّ وَالزَّيْفُ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ " قَالَ :" لَوْ كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ لَمْ تَأْخُذْ الدِّرْهَمَ الْقِسِيَّ وَالزَّيْفَ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الثَّمَرِ إلَّا الْجَيِّدَ إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ، تَجَوَّزُوا فِيهِ ".
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا، وَهُوَ مَا كَتَبَهُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَقَالَ فِيهِ :﴿ وَلَا تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ ﴾ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَقَدْ قِيلَ عَنْ " ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ ' إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ إلَّا أَنْ تَحُطُّوا مِنْ الثَّمَنِ ".
وَعَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ مِثْلُهُ.
وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ :( إلَّا أَنْ تَتَسَاهَلُوا فِيهِ ).
وَقِيلَ :( لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلَّا بِوَكْسٍ فَكَيْفَ تُعْطُونَهُ فِي الصَّدَقَةِ ).
هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ فِي الْهَدِيَّةِ إلَّا بِإِغْمَاضٍ وَلَا يَقْبِضُونَهُ مِنْ الْجَيِّدِ إلَّا بِتَسَاهُلٍ وَمُسَامَحَةٍ وَلَا يَبِيعُونَ بِمِثْلِهِ إلَّا بِحَطٍّ وَوَكْسٍ.


الصفحة التالية
Icon