}.
فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الرَّضَاعِ مَقْصُورًا عَلَى حَالِ الصِّغَرِ وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي يَسُدُّ اللَّبَنُ فِيهَا جَوْعَتَهُ وَيَكْتَفِي فِي غِذَائِهِ بِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى رَضَاعَ الْكَبِيرِ ؛ وَرُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ : قَدِمَ رَجُلٌ بِامْرَأَتِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَوَضَعَتْ فَتَوَرَّمَ ثَدْيُهَا، فَجَعَلَ يَمُجُّهُ وَيَصُبُّهُ، فَدَخَلَ فِي بَطْنِهِ جَرْعَةٌ مِنْهُ، فَسَأَلَ أَبَا مُوسَى فَقَالَ :( بَانَتْ مِنْك ) فَأَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَهُ فَفَصَلَ، فَأَقْبَلَ بِالْأَعْرَابِيِّ إلَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ :( أَرَضِيعًا تَرَى هَذَا الْأَشْمَطَ إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ ) فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ :( لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ وَهَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ) ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ إلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ ( لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ وَهَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ) وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ حَقٌّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عُمَرَ ( أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ ) وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ إلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ يَرْوِيهِ عَنْهُ أَبُو صَالِحٍ ( أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ ) وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ، وَهُوَ مَا رَوَى الْحَجَّاجُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :( يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ ) وَقَدْ رَوَى حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ ابْنَيْ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ وَلَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ ﴾.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon