كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } نَصَّ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَيْنِ تَمَامُ الرَّضَاعِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ رَضَاعٌ.
قِيلَ لَهُ إطْلَاقُ لَفْظِ الْإِتْمَامِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ مُدَّةَ الْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي قَوْلِهِ ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ ؟ فَجَعَلَ مَجْمُوعُ الْآيَتَيْنِ الْحَمْلَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ لَمْ تَمْتَنِعْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، فَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْحَوْلَيْنِ لِلرَّضَاعِ غَيْرُ مَانِعٍ جَوَازَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ﴾ وَلَمْ تَمْتَنِعْ زِيَادَةُ الْفَرْضِ عَلَيْهَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ تَقْدِيرٌ لِمَا يَلْزَمُ الْأَبَ مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا، لِإِثْبَاتِهِ الرَّضَاعَ بِتَرَاضِيهِمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ فَلَمَّا ثَبَتَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ التَّحْرِيمِ بِهِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا.
فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا اعْتَبَرَتْ الْفِطَامَ عَلَى مَا اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ فِي الْحَوْلَيْنِ فِي حَالِ اسْتِغْنَاءِ الصَّبِيِّ عَنْ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ، بِدَلَالَةِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ ﴾ وَبِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِمَّا يَدُلُّ كُلُّهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْفِطَامِ ؟ قِيلَ لَهُ : لَوْ وَجَبَ ذَلِكَ لَوَجَبَ اعْتِبَارُ حَالِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِي حَاجَتِهِ إلَى اللَّبَنِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ مِنْ الصِّبْيَانِ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى الرَّضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ بَعْدَ


الصفحة التالية
Icon