وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إبْطَالُ يَدِ الْعَدْلِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ وَكِيلٌ لِلْمُرْتَهِنِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ جَعَلَا الْمَبِيعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهِ، كَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ.
قِيلَ لَهُ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْبَيْعِ لَوْ صَارَ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي لَخَرَجَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَفِي خُرُوجِهِ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ سُقُوطُ حَقِّهِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ قَبْضَهُ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ ؟ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ لَهُ إلَّا قَبْضٌ وَاحِدٌ، فَمَتَى وُجِدَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ.
فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ وَكِيلًا لَهُ لَصَارَ قَابِضًا لَهُ قَبْضَ بَيْعٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مَمْنُوعًا مِنْهُ، فَكَانَ لَا مَعْنَى لِقَبْضِ الْعَدْلِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَالْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهُ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ لِلْمُشْتَرِي لَتَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ، وَفِي تَمَامِ الْبَيْعِ سُقُوطُ حَقِّ الْبَائِعِ فِيهِ، فَلَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّهْنُ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَدْلِ وَكِيلًا لِلْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ إبْطَالَ حَقِّ الرَّاهِنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ بَاقٍ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ ؟ فَكَذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الْعَدْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْضِ الْعَدْلِ وَقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ ؛ وَفَارَقَ الْعَدْلَ فِي الشِّرَى لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي ؛ إذْ كَانَ يَصِيرُ فِي مَعْنَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي فِي خُرُوجِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ وَفِي مَعْنَى تَمَامِ الْبَيْعِ فِيهِ وَسُقُوطِ حَقِّ الْبَائِعِ مِنْهُ وَالْبَائِعُ لَمْ


الصفحة التالية
Icon