يَعْنِي : زِيَادَتَهُ ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَ عَيْنِ الرَّهْنِ لِإِنْمَائِهِ وَزِيَادَتِهِ، وَأَنَّ دَيْنَهُ بَاقٍ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ( وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ) كَقَوْلِهِ ( وَعَلَيْهِ دَيْنُهُ ).
فَإِذًا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ مَضْمُونٍ، بَلْ هُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ﴾ إذَا أَرَادَ بِهِ حَالَ بَقَائِهِ عِنْدَ الْفِكَاكِ وَإِبْطَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْطَ اسْتِحْقَاقِ مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ، قَدْ حَوَى مَعَانِيَ : مِنْهَا أَنَّ الرَّهْنَ لَا تُفْسِدُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَجُوزُ هُوَ، لِإِبْطَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْطَهُمْ وَإِجَازَتِهِ الرَّهْنَ.
وَمِنْهَا : أَنَّ الرَّهْنَ لَمَّا كَانَ شَرْطُ صِحَّتِهِ الْقَبْضَ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ثُمَّ لَمْ تُفْسِدْهُ الشُّرُوطُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ فِي أَنَّ الشُّرُوطَ لَا تُفْسِدُهَا، لِاجْتِمَاعِهَا فِي كَوْنِ الْقَبْضِ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا.
وَقَدْ دَلَّ هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ عُقُودَ التَّمْلِيكَاتِ لَا تُعَلَّقُ عَلَى الْأَخْطَارِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُمْ لِمِلْكِ الرَّهْنِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَانَ تَمْلِيكًا مُعَلَّقًا عَلَى خَطَرٍ وَعَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْطَ التَّمْلِيكِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي سَائِرِ عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ وَالْبَرَاءَةِ فِي امْتِنَاعِ تَعَلُّقِهَا عَلَى الْأَخْطَارِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ :( إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ وَهَبْت لَك الْعَبْدَ ) أَوْ قَالَ :( قَدْ بِعْتُكَهُ ) إنَّهُ بَاطِلٌ لَا يَقَعُ بِهِ الْمِلْكُ ؛ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ :( إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ ) كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَفَارَقَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ