أَنْ يَكُونَ دَارًا يَخَافُ خَرَابَهَا فَيَسْكُنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَإِنَّمَا يُرِيدُ إصْلَاحَهَا ).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى :( إذَا لَبِسَ الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ لِلتَّجَمُّلِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَبِسَهُ لِيَحُوزَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ).
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ :( لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ بِطَعَامِهِ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ أَكْثَرَ أَخَذَ فَضْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ ).
وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيمَا رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ ﴾ أَيْ مَنْ رَهَنَ ذَاتَ ظَهْرٍ وَدَرٍّ لَمْ يَمْنَعْ الرَّهْنُ مِنْ ظَهْرِهَا وَدَرِّهَا، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ وَيَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَحْلُبَ الدَّرَّ وَيَجُزَّ الصُّوفَ وَيَأْوِيَ بِاللَّيْلِ إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ﴾ فَجَعَلَ الْقَبْضَ مِنْ صِفَاتِ الرَّهْنِ، أَوْجَبَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُ الْقَبْضِ مُوجِبًا لِإِبْطَالِ الرَّهْنِ، فَإِذَا آجَرَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ اسْتَحَقَّ الْقَبْضَ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ الرَّهْنُ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْعَارِيَّةِ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ ؛ إذْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرُدَّ الْعَارِيَّةَ إلَى يَدِهِ مَتَى شَاءَ.
وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ إجَارَتَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ لَبَنُ الدَّرِّ يُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا وَالظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلُبُ النَّفَقَةُ ﴾ فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لِرُكُوبِ ظَهْرِهِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ،


الصفحة التالية
Icon