ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَبَلَغَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَالُ الصَّدَاقِ وَبَيْتِ الْمَالِ ؟ إنَّهُمَا جَهِلَا فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا إلَى السُّنَّةِ.
قِيلَ : فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِيهَا ؟ قَالَ : لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا جَلْدَ عَلَيْهِمَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَكُونُ خَاطِبَا.
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى السُّنَّةِ ).
وَرَوَى ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَشْعَثَ مِثْلَهُ، وَقَالَ فِيهِ :( فَرَجَعَ عُمَرُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ اتَّفَقَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ.
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ :( يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ تُزَوَّجَهَا الْآخَرُ إنْ شَاءَ ) وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ :( لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا ) قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ :( وَلَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَالزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ، فَإِذَا كَانَ الزِّنَا لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَالْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ أَحْرَى أَنْ لَا يُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَدَخَلَ بِهِمَا، لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، فَكَذَلِكَ الْوَطْءُ عَنْ عَقْدٍ كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنَا، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالتَّحْرِيمُ غَيْرُ وَاقِعٍ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ يُوجِبُ الزِّنَا وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ تَحْرِيمًا