؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ حُصُولُ مِلْكِ الْبُضْعِ لَهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ، فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ كَوُجُوبِ الْمُسَمَّى فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ حُكْمُهُمَا فِي وُجُوبِ بَدَلِ الْبُضْعِ عِنْدَ وُرُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ قَائِمَةً مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَعْضَهُ، كَمَا تَقُومُ الْقِيَمُ مَقَامَ الْمُسْتَهْلَكَاتِ.
وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ :( هُوَ مُتْعَتُهَا ) فَكَانَتْ الْمُتْعَةُ اسْمًا لِمَا يُسْتَحَقُّ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَكُونُ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ.
فَإِنْ قِيلَ : إذَا قَامَتْ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ عِوَضٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَالْمَهْرُ لَا يَجِبُ لَهُ عِوَضٌ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ.
قِيلَ لَهُ : لَمْ نَقُلْ إنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ، كَمَا لَا نَقُولُ إنَّ قِيَمَ الْمُسْتَهْلَكَاتِ أَبْدَالٌ لَهَا بَلْ كَأَنَّهَا هِيَ حِينَ قَامَتْ مَقَامَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَدَلِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ ؟ وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ مُسْتَهْلِكٌ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنَّهَا هُوَ، عَلَى مَعْنَى الْعِوَضِ ؛ فَكَذَلِكَ الْمُتْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ كَمَا يَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى مِنْ الْبُضْعِ مَعَ الطَّلَاقِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَتْ الْمُتْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ لَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا بِالْمَرْأَةِ كَمَا يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِحَالِهَا دُونَ حَالِ الزَّوْجِ، فَلَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِبَارَ الْمُتْعَةِ بِحَالِ الرَّجُلِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ