الْبُضْعَ يَحْصُلُ لَهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَسْتَحِقَّ بَدَلَ مَا يَحْصُلُ لَهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ.
قِيلَ لَهُ : أَمَّا قَوْلُك :( فِي اعْتِبَارِ حَالِهِ دُونَ حَالِهَا ) فَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَأَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ :( يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَرْأَةِ أَيْضًا ) وَلَيْسَ فِيهِ خِلَافُ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّا نَسْتَعْمِلُ حُكْمَ الْآيَةِ مَعَ ذَلِكَ فِي اعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجِ ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ :( يُعْتَبَرُ حَالُهُ دُونَ حَالِهَا ) وَمَنْ قَالَ بِهَذَا يَلْزَمُهُ سُؤَالُ هَذَا السَّائِلِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ : إنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِهَا فِي الْحَالِ الَّتِي يَحْصُلُ الْبُضْعُ لِلزَّوْجِ إمَّا بِالدُّخُولِ وَإِمَّا بِالْمَوْتِ الْقَائِمِ مَقَامَ الدُّخُولِ فِي اسْتِحْقَاقِ كَمَالِ الْمَهْرِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ فِي اعْتِبَارِهَا بِأَنْفُسِهَا، وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عِنْدَنَا إلَّا فِي حَالِ سُقُوطِ حَقٍّ مِنْ بُضْعِهَا لَسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَمْ يَجِبْ اعْتِبَارُ حَالِ الْمَرْأَةِ ؛ إذْ الْبُضْعُ غَيْرُ حَاصِلٍ لِلزَّوْجِ بَلْ حَصَلَ لَهَا بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ حُكْمِ الدُّخُولِ، فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ حَالُهُ دُونَهَا، وَأَيْضًا لَوْ سَلَّمْنَا لَك أَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَهَا ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ، بِدَلَالَةِ أَنَّ بَدَلَ الْبُضْعِ هُوَ الْمَهْرُ وَقَدْ مَلَكَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ.
وَالدُّخُولُ وَالِاسْتِمْتَاعُ إنَّمَا هُوَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَتَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ بَدَلًا وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَهَا، وَلِذَلِكَ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبِيهِ وَابْنِهِ الصَّغِيرِ بِنَصِّ الْكِتَابِ، وَالْإِنْفَاقُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَهَا،


الصفحة التالية
Icon