يَتَجَهَّزُ إلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ الْحَجِّ :﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ وَهِيَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ :﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ﴾ هَذِهِ الْآيَةُ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَهَا حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِهَا ؛ هَكَذَا سَمِعْنَا.
قَالَ يَحْيَى : وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ﴿ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَلَالَةِ، فَقَالَ : مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ فَوَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَمْ يَذْكُرْ تَارِيخَ الْأَخْبَارِ وَالْآيِ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَغَيَّرُ فِيمَا ذَكَرْنَا بِالتَّارِيخِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْآيِ وَالْأَخْبَارِ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِهَا، وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِذَلِكَ أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ اسْمَ الْكَلَالَةِ يَتَنَاوَلُ الْمَيِّتَ تَارَةً وَبَعْضَ الْوَرَثَةِ تَارَةً أُخْرَى.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْكَلَالَةِ، فَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ ﴿ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يُوَرَّثُ الْكَلَالَةُ ؟ قَالَ : أَوَلَيْسَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ ؟ ثُمَّ قَرَأَ :{ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ﴾ إلَى آخِرِهَا ؛ قَالَ : فَكَأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَفْهَمْ، فَقَالَ لِحَفْصَةَ : إذَا رَأَيْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ فَسَلِيهِ عَنْهَا فَرَأَتْ مِنْهُ طِيبَ نَفْسٍ فَسَأَلَتْهُ عَنْهَا، فَقَالَ : أَبُوك كَتَبَ لَك هَذَا ؟ مَا أَرَى أَبَاك يَعْلَمُهَا أَبَدًا } ؛ قَالَ : فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : مَا


الصفحة التالية
Icon