الْأَعَمَّ الْأَكْثَرَ أَنَّ زَوْجَ الْأُمِّ يُرَبِّيهَا ؛ ثُمَّ مَعْلُومٌ أَنَّ وُقُوعَ الِاسْمِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجِبْ كَوْنَ تَرْبِيَتِهِ إيَّاهَا شَرْطًا فِي التَّحْرِيمِ، كَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ فِي حُجُورِكُمْ ﴾ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ مِنْ كَوْنِ الرَّبِيبَةِ فِي حِجْرِ الزَّوْجِ ؛ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ شَرْطًا فِي التَّحْرِيمِ كَمَا أَنَّ تَرْبِيَةَ الزَّوْجِ إيَّاهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ، وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ﴾ وَلَيْسَ كَوْنُ الْمَخَاضِ أَوْ اللَّبَنِ بِالْأُمِّ شَرْطًا فِي الْمَأْخُوذِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ بِأُمِّهَا مَخَاضٌ وَإِذَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ كَانَ بِأُمِّهَا لَبَنٌ ؛ فَإِنَّمَا أَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى غَالِبِ الْحَالِ، كَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :﴿ فِي حُجُورِكُمْ ﴾ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ مَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَأَنَّ الْأُمَّ وَالْأُخْتَ مِنْ الرَّضَاعَةِ مُحَرَّمَتَانِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا هُمَا بِالنِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْمَرْأَةِ وَابْنَتُهَا إذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا إذَا وَطِئَ الْأُخْرَى ؛ وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ أُمٍّ وَبِنْتٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ يُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُهُ الْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ.


الصفحة التالية
Icon