يُقَالُ عِنْدَهُ أَمْوَالٌ، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بِمُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
فَإِنْ قِيلَ : وَمَنْ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لَا يُقَالُ عِنْدَهُ أَمْوَالٌ وَقَدْ أَجَزْتهَا مَهْرًا قِيلَ لَهُ : كَذَلِكَ يَقْتَضِي الظَّاهِرُ، لَكِنْ أَجَزْنَاهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَجَائِزٌ تَخْصِيصُ الْآيَةِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ وَأَيْضًا قَدْ رَوَى حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ ابْنَيْ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَا مَهْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ﴾.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ :" لَا مَهْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ".
وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْمَقَادِيرِ الَّتِي هِيَ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ أَوْ الِاتِّفَاقُ ؛ وَتَقْدِيرُهُ الْعَشَرَةَ مَهْرًا دُونَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ تَوْقِيفًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ فِي أَكْثَرِ النِّفَاسِ أَنَّهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ؛ أَنَّ ذَلِكَ تَوْقِيفٌ ؛ إذْ لَا يُقَالُ فِي مِثْلِهِ مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ ؛ وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا قَعَدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، فَدَلَّ تَقْدِيرُهُ لِلْفَرْضِ بِمِقْدَارِ التَّشَهُّدِ أَنَّهُ قَالَهُ مِنْ طَرِيقِ التَّوْقِيفِ.
وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِاعْتِبَارِ الْعَشَرَةِ أَنَّ الْبُضْعَ عُضْوٌ لَا تَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهُ إلَّا بِمَالٍ فَأَشْبَهَ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ، فَلَمَّا كَانَتْ الْيَدُ عُضْوًا لَا تَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهُ إلَّا بِمَالٍ وَكَانَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُسْتَبَاحُ بِهِ عَشَرَةٌ عَلَى أَصْلِهِمْ، فَكَذَلِكَ الْمَهْرُ يُعْتَبَرُ بِهِ.
وَأَيْضًا لَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ اسْتِبَاحَةُ الْبُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا تَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهُ بِهِ مِنْ الْمِقْدَارِ، وَجَبَ