تَقْبِضْهَا بَطَلَتْ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ :" تَصِحُّ الزِّيَادَةُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ نِصْفُ مَا زَادَهَا إلَيْهِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ وَهَبَهُ لَهَا يُقَوَّمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ ؛ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ فِي مِلْكِهِمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى الْبُضْعِ فَيَأْخُذَ مِنْهَا بَدَلَهُ فَهُمَا مَالِكَانِ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْبُضْعِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَقْدُ فِي مِلْكِهِمَا وَجَبَ أَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَمَا جَازَتْ فِي ابْتِدَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ حَيْثُ كَانَا مَالِكَيْنِ لِلْعَقْدِ ؛ ؛ إذْ كَانَ الْمِلْكُ هُوَ التَّصَرُّفُ وَتَصَرُّفُهُمَا جَائِزٌ فِيهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَبَضَهَا جَازَ، فَلَا يَخْلُو بَعْدَ الْإِقْبَاضِ مِنْ أَنْ تَكُونَ هِبَةً مُسْتَقْبَلَةً عَلَى مَا قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ أَوْ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ لَاحِقَةً بِالْعَقْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ هِبَةً مُسْتَقْبَلَةً ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا عَلَى أَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنَّمَا أَوْجَبَاهَا عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الْبُضْعِ لَاحِقَةٌ بِالْعَقْدِ، و لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُلْزِمَهُمَا عَقْدًا لَمْ يَعْقِدَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ﴾، فَإِذَا عَقَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا عَقْدًا لَمْ يَجُزْ لَنَا إلْزَامُهُمَا عَقْدًا غَيْرَهُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالسُّنَّةِ ؛ إذْ كَانَتْ الْآيَةُ إنَّمَا اقْتَضَتْ إيجَابَ الْوَفَاءِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ لَا بِغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ عَقْدًا غَيْرَهُ لَا يَكُونُ وَفَاءً بِالْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ يَقْتَضِي الْوَفَاءَ بِالشَّرْطِ،