الْوَفَاءِ بِهِ وَذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْآيَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ لَا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾، ثُمَّ أَمَرَ عِنْدَ عَدَمِ الشُّهُودِ بِأَخْذِ الرَّهْنِ وَثِيقَةً بِالثَّمَنِ، وَذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ عِنْدَ عَقْدِهِ الْبَيْعَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى :﴿ إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ فَأَمَرَ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ عَقْدِهِ الْمُدَايَنَةَ، وَأَمَرَ بِالْكِتَابَةِ بِالْعَدْلِ، وَأَمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِالْإِمْلَاءِ ؛ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَقْدَهُ الْمُدَايَنَةَ قَدْ أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَقْدُ الْمُدَايَنَةِ مُوجِبًا لِلْحَقِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَمَا قَالَ :﴿ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ﴾، وَلَمَا وَعَظَهُ بِالْبَخْسِ وَهُوَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الدَّيْنِ لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَقَّ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ الْخِيَارِ وَإِيجَابِ الْبَتَاتِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ تَحْصِينًا لِلْمَالِ وَاحْتِيَاطًا لِلْبَائِعِ مِنْ جُحُودِ الْمَطْلُوبِ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا الْخِيَارُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِشْهَادِ احْتِيَاطٌ وَلَا كَانَ أَقَوْمَ لِلشَّهَادَةِ ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ إقَامَةُ الشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ الْمَالِ