صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ رَازِقُهَا ﴾، فَنَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إذَا كَانَتْ قَدْ رَكَنَتْ إلَيْهِ وَرَضِيت بِهِ، وَأَنْ يَسُومَ عَلَى سَوْمِهِ كَذَلِكَ ؛ فَمَا ظَنُّك بِمَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ مَا قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ وَمَلَكَهُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا ﴾، يَعْنِي أَنْ تَسْعَى فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا وَتَحْصِيلِهِ لِنَفَسِهَا.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالتَّمَنِّي عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَتَمَنَّى الرَّجُلُ أَنْ تَزُولَ نِعْمَةُ غَيْرِهِ عَنْهُ، فَهَذَا الْحَسَدُ، وَهُوَ التَّمَنِّي الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.
وَالْآخَرُ : أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ مَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ، فَهَذَا غَيْرُ مَحْظُورٍ إذَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ، وَمَا يَجُوزُ فِي الْحِكْمَةِ.
وَمِنْ التَّمَنِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَنْ يَتَمَنَّى مَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ، مِثْلُ أَنْ تَتَمَنَّى الْمَرْأَةُ أَنْ تَكُونَ رَجُلًا أَوْ تَتَمَنَّى حَالَ الْخِلَافَةِ وَالْإِمَامَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ وَلَا تَقَعُ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ قِيلَ فِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظًّا مِنْ الثَّوَابِ قَدْ عَرَضَ لَهُ بِحُسْنِ التَّدْبِيرِ فِي أَمْرِهِ وَلُطِفَ لَهُ فِيهِ حَتَّى اسْتَحَقَّهُ


الصفحة التالية
Icon