قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى :" هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ "، وَقَالَ السُّدِّيُّ :" الْأُمَرَاءُ وَالْوُلَاةُ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْوُلَاةِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا.
فَإِنْ قِيلَ : أَوَّلُوا الْأَمْرَ مَنْ يَمْلِكُ الْأَمْرَ بِالْوِلَايَةِ عَلَى النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قِيلَ لَهُ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ " مَنْ يَمْلِكُ الْأَمْرَ بِالْوِلَايَةِ عَلَى النَّاسِ " وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى الْفُقَهَاءُ أُولِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَوَامِرَ اللَّهِ وَنَوَاهِيَهُ وَيَلْزَمُ غَيْرَهُمْ قَبُولُ قَوْلِهِمْ فِيهَا، فَجَائِزٌ أَنْ يُسَمُّوا أُولِي الْأَمْرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى :﴿ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾، فَأَوْجَبَ الْحَذَرَ بِإِنْذَارِهِمْ وَأَلْزَمَ الْمُنْذَرِينَ قَبُولَ قَوْلِهِمْ، فَجَازَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إطْلَاقُ اسْمِ أُولِي الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ ؛ وَالْأُمَرَاءُ أَيْضًا يُسَمُّونَ بِذَلِكَ لِنَفَاذِ أُمُورِهِمْ عَلَى مَنْ يَلُونَ عَلَيْهِ.